ماذا نتعلم من النحل

a bee on a flower

يعيش النحل منذ 80 مليون سنة، لذا من المفترض أن يكون هناك الكثير الذي يمكننا تعلمه منه. وهناك حوالي 20 ألف نوع من النحل الطنان وسبعة أنواع من نحل العسل و44 نوع فرعي.

ويلعب النحل دوراً مهماً للغاية تحدث عنه ألبرت أينشتاين قائلاً: "إذا اختفى نحل العسل من على وجه الأرض فلن يبقى أمام الإنسان سوى خمس سنوات ليعيش".

إذاً، ما الذي يمكن تعلمه من هذه المخلوقات المدهشة؟

هناك عشرة أشياء يمكن تعلمها من النحل

  1. العمل الجماعي

يعيش نحل العسل والنحل الطنان حياة اجتماعية ترأسها ملكة النحل التي يخدمها ذكور النحل والشغالات. ويعمل النحل بشكل جماعي حتى في ظل وجود 50 ألف نحلة أو أكثر يعملون كمجموعة واحدة. وتستطيع مستعمرة النحل النجاح بهذه الطريقة المتبعة لأن أعضائها يعملون من أجل الصالح العام للمستعمرة وليس للمصلحة الفردية. ووفقاً لمجلة تايم، اُستخدمت كلمة "نحل" منذ القرن السابع عشر لوصف حالة أشخاص مجتمعين للعمل معاً لهدف محدد، ومن هنا جاء الاسم الرسمي لمسابقة التهجئة الوطنية بمعهد سكريبس الوطني "Scripps National Spelling Bee".

  1. استعداد النحل الدائم

يعيش نحل العسل في حدود إمكانياته ويتميز بالدهاء. ولك أن تتخيل أن النحل يمتلك خمس عيون ويبحث باستمرار عن الطعام ولا يفوت فرصة التغذية وجمع الرحيق. وعندما يكون هناك وفرة من الرحيق، يقوم النحل بتخزينه في أي مكان بالخلية، والاحتفاظ به لأوقات الشدة. ويستخدم ما لديه للجمع والتخزين من أجل توفير إمدادات غذائية دائمة ليس فقط للأحياء ولكن للنحل الذي لم يولد بعد. وبفضل تخطيطه المستقبلي المحكم، لم يتعرض النحل لمشكلات غذائية قط.

  1. تحسين القدرات العقلية

يعمل العقل البشري بطريقة مماثلة لعمل سرب النحل وفقاً لما قالته مجموعة مولنلو حول سبل العمل بذكاء. وهناك ما يقدر بحوالي 1.5 كجم من النحل في السرب وهو نفس القدر من الخلايا العصبية في العقل البشري. وتتطلب عملية صنع القرار العمل في شكل جماعي لاتخاذ القرارات الصحيحة. ويمكن للمدراء أو أصحاب الشركات التعلم من عملية التكامل أو ما يسمونه "ذكاء السرب" للنجاح في العمل. لذا عليك الاستفادة من الإمكانيات الكاملة للسرب الخاص بك (الفريق والإدارة والشركة) وسترى ما يمكن إنجازه.

  1. المثابرة

أن يكون لديك رؤية وتضع أهدافك وتنجح في تحقيقها فتلك هي المثابرة. عبارة "تحرك كالنحل" في بتركيز وخفة وسرعة النحل الذي "يتبع غريزته للعودة إلى الخلية". ويستطيع النحل الطيران لارتفاع يعادل ارتفاع قمة إيفرست. ووفقاً لدراسة أجراها ديلون ودودلي تحت اسم "رسائل الأحياء" في جامعة كاليفورنيا في بركلي، يستطيع النحل الطنان التكيف مع الارتفاعات العالية وضغط الهواء المنخفض، ليس عن طريق التحليق بأجنحته بشكل أسرع ولكن عن طريق تغيير زاوية أجنحته لزيادة قدرته على الارتفاع من خلال تقريب أجنحته إلى أنفه وإبعاده عن بطنه مما يجعله يحلق في الهواء ذهاباً وإياباً. ويعتبر هذا الأمر خارقاً لعدم حاجة النحل إلى التحليق لمثل هذه الارتفاعات نظراً لعدم وجود أزهار هناك أعلى قمة إيفرست. ولكننا نتعلم أن هذه المخلوقات الصغيرة استطاعت بناء لياقتها واستخدام قوة أجنحتها للتحليق ونقل الرحيق وحبوب اللقاح التي قد تعادل ضعف وزنها. وتشير قدرتها على التحليق مع قلة الأكسجين إلى احتواء أجسامها على معدلات أيضية مذهلة وتفوق بكثير معدلات البشر.

  1. التواصل

يعتبر النحل من الحشرات الاجتماعية التي تستطيع التواصل فيما بينها بوضوح من خلال الاهتزاز وإفراز الفيرمونات عبر المستعمرة. وعندما يعود النحل بأخبار عن وجود رحيق أو حبوب لقاح، فإنه يقوم "بالرقص الاهتزازي" فوق أقراص العسل بأنماط محددة، وعندما تتغذى النحلة من زهرة تقوم بإفراز مادة كيميائية على الزهرة ووسمها ليتجنبها النحل الآخر. كما أن النحل كائنات صادقة لا تتعامل بغير الحقيقة التي لا تعرف سواها، ولا تخدع بعضها البعض. لنتخيل ونتعلم!

bee on white flowers

  1. المهارات الهندسية

يظهر النحل مهارات هندسية متقدمة في الخلايا التي ينشئها للحد الذي دفع علماء الرياضيات والمهندسون التأمل لفترات طويلة في طريقة بناء هياكل أقراص العسل وتساءلوا عن طريقة عمل الخلية ومدى المرونة والكفاءة التي يتمتع بها النحل. لقد اختار النحل الشكل السداسي باعتباره الأكثر فعالية لتخزين الطعام. إن النحل بهذا ربما يعرف ما لا يعرفه البشر عن الهندسة والتعمير.

  1. الاتصال مع الطبيعة

متى كانت أخر مرة استمعت لطنين نحلة تحوم حول زهرة أو نبات؟ عندما تسمع ذلك، اطمئن على صحة بيئتك. فنحن نحب السير في حديقة أو التنزه والجلوس في متنزه، فما نراه مفيداً للنحل هو مفيد لنا أيضاً. إننا نتشارك مع النحل الحاجة إلى مساحات خضراء مفتوحة حيث الهواء والماء النظيف. وقد تم إقامة مشروع "Bee Cause" في الولايات المتحدة لوضع خلايا نحل في المدارس بهدف مساعدة الناس وخاصة الصغار على إعادة الاتصال بالطبيعة وفهم نظامها البيئي. وتخبرنا تامي إنرايت، مديرة المشروع "نهدف إلى مساعدة الأطفال للاتصال مع الطبيعة مجدداً. ونستعين بنحل العسل للقيام بذلك".

  1. الإلهام

كان النحل مصدر إلهام الشعراء والفلاسفة ومادة ثرية للتأمل. وجميعنا يعني عبارة "النحل الدؤوب" التي تشير إلى أن النحل مخلوقات مجتهدة ودائمة العمل. ويعود هذا إلى القرن السادس عشر عندما كتب الشاعر الإنجليزي إسحاق واتس عام 1715: "كيف لتلك النحلة الصغيرة القيام بذلك...وزيادة الانتاجية كل ساعة...وجمع العسل طوال اليوم...من جميع الزهور المتفتحة". ووصف المؤلف الروماني بليني العسل بأنه "عرق الجنة ولعاب النجوم". وترجع مقولة "هوس شخص بشيء ما أو هناك نحلة في قبعتك" إلى ترجمة اسكتلندية لملحمة "الإنيادة" الشعرية عام 1553 "رأس ملئ بالنحل". فقط حاول استحضار حالتك الذهنية "إذا وجدت نحلة تتسل داخل قبعتك" فليس هذا سوى فكرة ما تسيطر عليك وأنك تصمم على تنفيذها.

  1. التعامل بحرص مع عالمنا

على مدار المائة عام الماضية، تلوثت موائل النحل الطبيعية ونظامه الغذائي نتيجة استخدام المواد الصناعية والكيماويات التي يصنعها الإنسان. ووفقاً لشبكة "أصدقاء الأرض" العالمية، يواجه 35 نوعاً من نحل المملكة المتحدة خطر الانقراض، كما تواجه جميع الأنواع الأخرى تهديدات خطيرة. وينبغي إعادة النظر في الممارسات الزراعية المكثفة والتلوث والمبيدات الحشرية وفقدان الموائل وتغير المناخ. وقد اكتشف العلماء تأثير المبيدات الحشرية السلبي على قدرة نحل العسل على التنقل والتكاثر. ويتسبب مبيد "النيونيكوتينويدس" الحشري بشكل خاص في وقوع أضرار بالغة على حياة النحل من حيث التغذية والإقامة والبحث عن الطعام والتكاثر. ونتأثر نحن أيضاً بتلك الأشياء التي تؤثر على انخفاض عدد النحل. والجدير بالذكر أن مايكل غوف وزير البيئة في المملكة المتحدة قد وافق على فرض قيود صارمة على استخدام النيونيكوتينويدس، كما صوت الاتحاد الأوروبي في 27 أبريل الماضي على فرض حظر شامل على استخدام هذه المادة في الأراضي، باستثناء الصوبات الزراعية، على أن يدخل هذا القرار حيز التنفيذ بحلول نهاية عام 2018.

  1. العلاج

يبدو أننا نستفيد من قضاء الوقت مع النحل بطرق متنوعة. وفي مدينة فانكوفر، هناك منظمة "خلايا نحل للبشر" غير الربحية لتكوين شبكة داعمة لمساعدة الناس على الاتصال بالطبيعة والمجتمع وأنفسهم، وبناء ثقتهم بأنفسهم والاسترخاء واستخدام استراتيجيات التكيف، وكل ذلك من خلال النحل. وقام أحد المحاربين السابقين، بعد أن تعافى من اضطراب ما بفضل تربية النحل بهدف جمع الأموال للمحاربين الآخرين لشراء معداتهم الخاصة وتعليمهم طرق تربية النحل وكيفية التعافي من خلال هذه العملية.

من كان يتخيل أن هناك الكثير لنتعلمه من النحل في الإنتاجية والمرونة والحكمة الجماعية وقدرة الطبيعة على العطاء؟ في المرة القادمة، عندما ترى أحد هذه المخلوقات الجميلة ترقص حول زهرة أو عندما تتذوق العسل الخام، حاول التفكير في النحل المجتهد الذي يعمل بلا كلل لإنتاج طعام طبيعي ومفيد لنا.

Riath