كيف نجحت مربية النحل الأسترالية في بناء مزارع النحل؟

ألتقي خلال رحلاتي حول العالم بأشخاص مذهلين يُتحفوني بتجاربهم. ومن وقت لآخر، قد تقابل شخصاً مميزاً واستثنائياً يترك لديك أثراً حقيقياً، وكانت غابرييل مورلي أحد هؤلاء الأشخاص. لقد زرتها في نيوساوث ويلز بأستراليا مع فريق مشركة جاذر باي (لتذوق العسل الطبي الأسترالي).

كان لديها خبرة في زراعة القطن ولكنها تركت هذا المجال لتشتري قطعة أرض وتستقر في نيوساوث ويلز حيث زرعت أكثر من 1000 نخلة تمر وخصصتها للبيع التجاري. وبدافع ولعها بالأشجار واكتشاف الأهمية الطبية لحبوب اللقاح المغذية التي يستخدمها الأطباء الأيورفيدا للمساعدة في العديد من المشاكل الصحية بما في ذلك مشاكل الخصوبة، بدأت غابرييل باستغلال النحل في مهمة حصاد حبوب اللقاح. وعلى الرغم من أن ذلك كان منذ ثلاثة أعوام فقط إلا أن غابرييل كرّست كامل حياتها في العمل مع النحل. وتستغرق بعض الوقت لإنتاج العسل الخام نظراً لاهتمامها الشديد بصحة النحل وبناء منحل رائع يمكنني وصفه بأنه قطعة من الجنة بالنسبة للنحل. كما تميزت باهتمامها الدقيق بالتفاصيل لتوفير أفضل بيئة تساعد النحو على النمو.

جنة النحل

مع السير في مزرعة غابرييل، سترى بعض الأعشاب القليلة التي تزرعها مثل الخلنج العشبي المكسيكي، والبرغموت، وإكليل الجبل، والكركم، والترنجان بلسم الليمون، والخزامى، والخردل. وأوضحت غابرييل الخصائص العلاجية لهذه النباتات وأهميتها بالنسبة للنحل مثل نبات البلسم الأصلي الطبي الصالح للأكل. يمكن أن تكون لاحظت هذه الكلمة من قبل على عبوات غسول ومنعم الشعر. يتم تجفيف جذور البلسم في قارة آسيا لاستخدامه في علاج لدغ الثعبان. ويتميز هذا النبات بعدم تأثره بالمطر لذلك يتمكن النحل من امتصاص رحيقه حتى عند خروجه في صباح ليلة ممطرة على عكس باقي النباتات التي تفقد الرحيق بعد طقس ممطر. كما يتميز هذا النبات أيضاً بألوان زهوره المتعددة ويُعرف باسم نبات "المستحية" لأن حوافظ بذورها تنفجر بمجرد الاقتراب منها أو لمسها. كما قامت غابرييل برعاية الأرض والعناية بها لتوفير الغذاء في كل فصول العام وتوفير المزيد من الرحيق للنحل بالإضافة إلى أصناف أخرى عديدة. في الحقيقة، لم أرى مثل هذا المنحل من قبل.

وأوضحت غابرييل أهمية حصول النحل على نظام غذائي متوازن يشمل الدهون والبروتينات. كما أنها تراقب النحل طوال اليوم لمعرفة الزهور والنباتات المفضلة لديه وتوقيت إقباله عليها وذلك بهدف معرفة الاحتياجات الطبية والتأكد من توفر الرحيق. وتمتلك غابرييل أيضاً نباتات محلية ونباتات لديها القدرة على البذر الذاتي حسب الأجواء المحيطة. وتمتلك غابرييل حالياً 30 خلية نحل ولكن ما أنتجته حقاً تميز بقيمته العالية حيث أنتجت عسل أصلي عضوي نظراً لتنوع الرحيق وصحة النحل والنباتات على خلاف العسل الصناعي أو التجاري.

Beautiful balsam for the bees to forage

الزراعة من أجل صحة النحل

لقد استثمرت غابرييل في مستعمرتها للنحل بشكل ملحوظ بل وأصبحت مصدراً مهماً للمعرفة في هذا المجال ولم يكن ذلك سوى البداية لتحقيق أفضل الممارسات. كما قررت بعد بحثها في جميع أنحاء العالم شراء خلايا النحل الخاصة بها من تركيا لتميزها بتاريخ حافل في مجال العسل، حيث تتولى الحكومة التركية تمويل تسع جامعات لإجراء أبحاث لمعرفة أفضل بيئة لخلية النحل وكيفية الاهتمام بصحة النحل.

وهناك مصيدة لحبوب اللقاح خلف الخلية لجمع العسل، وذلك على عكس الطريقة المعتادة في جمعه من الأمام، حتى لا يتم إزعاج النحل ولتسهيل دخوله من أسفل الخلية وانتقاله إلى الأعلى لإنتاج العسل. كما أنه من السهل إزالة وتنظيف مخلفات النحل بهذه الطريقة. وتتميز "قصور" النحل بأنها مضادة للبكتريا والميكروبات والانتاج الجيد في خلال الطقس الحار والبارد. ولا تستخدم غابرييل أي آلات لفصل العسل بل تكتفي بالضغط اليدوي على البارد. وأوضحت أن هذه العملية تساعد على الحفاظ على العسل مؤكسد وحيوي وبالتالي الحصول على إنتاج أفضل لنحو 200 خلية.

وأحضرت غابرييل هذه الصناديق لتريني أقراص العسل والتي يتم حفظها داخل الخلية وتظل كذلك دون أن يمسها أحد قبل المستهلك. أعجبني ذلك كثيراً وبدأت للتو استخدام نفس الطريقة في بلقيس.

الغذاء كالدواء

هنا نحل صحي يتغذى على الأعشاب والنباتات العلاجية التي تنتقل فائدتها إلى العسل ومن ثم إلى المستهلك، كما يساعد ذلك أيضاً النحل على مقاومة الأمراض. وصرحت غابرييل أنها تواجه مشكلة صغيرة فقط مع خنفساء خلايا النحل لكنها تتخلص منها بشكل طبيعي باستخدام عشب الليمون حيث تضعه على الأرض تحت الخلية أو حولها وتقطعه لإخراج الزيت منه. وبهذا تتخلص من الخنفساء بشكل طبيعي وتحافظ على نشاطها العضوي.

مزارع الملقحات

يستمر نشاط غابرييل في التوسع والتطور كما عقدت شراكة مع جاذر باي حيث قامت بزراعة 3000 نبتة من نبات المانوكا لتعزيز القيمة العلاجية لعسلها وللمساهمة في تاريخ العسل الطبي الأسترالي. لقد أمضيت ساعات طويلة في التحدث مع غابرييل وسأقوم بالتأكيد بمشاركة المزيد من مغامراتها ورؤاها قريباً، حيث أن لديها معرفة مذهلة بحبوب لقاح النخيل وتاريخها وطرقها العلاجية. يُرجى مراسلتي عبر التعليقات في حال كنت تود معرفة المزيد حول هذه السيدة الرائعة مربية النحل.

Riath