بعد الحريق, قصة صاحب المنحل (النحال)

النحال

يعد جو ديماس وعائلته من أكبر منتجي العسل الخام في سيرا دي مونشيك, الإقليم الذي يقع في جنوب البرتغال. هذه الطبيعة الخلابة, الغابة الإقليمية المعروفة بالرحالة, راكبي الدراجات والسياح سعياً وراء طبق دجاج بيري بيري المحلي, بالإضافة إلى ذلك فإن هذا الجبل يُعرف أيضاً بمناظره الجميلة. هذا هو موطن العائلات البرتغالية, حيث استمر العديد منهم وخاصة كبار السن في ممارسة التقاليد والعادات التي تتضمن الحفاظ على الممتلكات الصغيرة, زراعة الخضراوات, الليمون, أشجار البرتقال ورفع المخزون المعيشي. ومن التقاليد الريفية السائدة في الحياة, تربية النحل وإنتاج العسل الخام, فهي البيئة المثالية للنحل والعسل. هناك تقريباً 1500 مربي نحل في الإقليم. وفي أغسطس هذا العام, اندلع حريق في الغابات داخل الجبال وقد أدى هذا الحريق إلى تدمير شجر الكافور, شجر الفلين وشجر الصنوبر و قد اشتعلت320 خلية نحل خاصة بعائلة جو, وقُتل النحل. وقد كان كل أفراد العائلة يعملون في تربية النحل بالوراثة باعتبارهم هواة يقومون بإنتاج العسل لأنفسهم ولكنه في الخمس عشر السنوات الماضية تحول إلى عمل عن طرق إمتلاكهم 1000 خلية نحل توجد في أماكن ومواقع مختلفة بالقرب من ألفرسا حيث يعيش العائلة وسيلفز وسابويا وكوريك. لذلك, ماذا تعني هذه التراجيديا لهذه العائلة وكيف قاموا باستعادة نشاطهم بعد هذه الكارثة المالية والعاطفية؟

حريق غابة مونشيك

لقد اندلع الحريق الأول بعد ظهر يوم الجمعة الموافق 3 أغسطس 2018 وسرعان ما انتشر عبر التلال والأودية حيث استمرت الرياح في تغيير الاتجاهات. وقد وصل الحريق إلى مدينة مونشيك والنقاط الأعلى من ألجارف, بيكوتا, فويا تدريجيا حيث وصلت إلى منصف مدينة سيلفز وحدود المدينة الساحلية لبورتيماو. وبحلول يوم الأحد, تعرض المجتمع لأزمة كبيرة ولكنه بذل قصارى جهده لحماية أراضيه مع العديد من البرتغاليين والوافدين الذين اضطروا إلى اخلاء منازلهم غير مدركين لموعد عودتهم إليها. لقد أحاط الحريق قرية ألفرسا حيث يعيش جو مع زوجته وبنته ووالديه وانتشر عبر 6000 هيكتر في ساعتين تاركاً جو أمام خيارين, إما حماية النحل أو حماية عائلته وسكان القرية. لقد كان يفكر ولكن قبل أن يسيطر الحريق ومع اتخاذ القرار اللازم وبعد مرور أسبوع, أدى الحريق إلى تدمير 27999 هيكتر من الأرض والغابات. لم يكن هناك وفيات بين الأشخاص ولكن كان هناك إصابات, خسائر في المنازل وأُزيلت الأراضي, قُتلت الثروة الحيوانية ولم يكن أحد يعرف مدى حقيقة الخسائر التي تعرضت لها الحياة البرية. وبالنسبة لجو, فقد فقد تقريباً 320 خلية نحل ومستعمرات النحل الملحقة بها (وكان هناك 60000 نحلة في كل مستعمرة بكل خلية).

قبل

في الشهور التي سبقت الحريق, جاب نحل جو, أبيس ماليفيرا (نحل العسل الأوروبي) بسعادة حول شجر البرتقال, زهرة الهيذير, اللافندر, القطلب, شجرة الفراولة أو الميدرونو الشهير في هذا الإقليم الذي يقتصر على الازهار فقط في فصل الشتاء مسبباً ندرته ومذاقه المميز ويستخدم في الطب. وفي غضون عام, في المتوسط, تمكن جو من انتاج مخزون العسل الذي وصل تقريباً إلى 14000 كيلو. وقد اعتاد نقل النحل في يوليو من منطقة مونشيك حتى يجوب حول الجيراسول (عبد الشمس) بالقرب من بيجا في الينتيجو ولكنه حصر يده على نقل حاويات كبيرة من العسل ولكنه لم يستطع اعادتها لذلك فقد ظل النحل كما هو في نفس المكان.

بعد

هناك حوالي 1500 نحال في المنطقة ومن المعتقد أن حوالي 50% منهم قد تأثروا بهذا الحريق. لقد كان بمثابة الضربة القاضية في صناعة الأكواخ, لقد أصبح جو عاطفياً, تقريبا بعد ثماني أسابيع من هذه الأحداث وقد ظهر ذلك جلياً عند وصفه العودة إلى موقع خلايا النحل ولكنه شاهدها جميعاً محترقة وميتة. لقد كان مولعاً بتربية النحل, لذلك فقد شعر بالحزن عند فقده أكثر من حزنه على الخسارة المالية الباهظة. لقد كان ذلك يعزي إلى الوقت والجهد الذي بذله في عناية وتربية النحل وعملية انتاج العسل حيث كان يعمل من 10: 12 ساعة في اليوم مع والده ووالدته التي كانت تحافظ على سلامة النحل وحماية مصدر العسل. ولكنه ما كان يبعث على الحزن, هو عدم وجود النحل في الموقع إذا لم تلحق به الإصابة. لم يكن ذلك الحريق هو الأول من نوعه في الإقليم, فقد كانت هذه المنطقة المليئة بالكافور القابل للاشتعال تتعرض لكثير من المخاطر في فصل الصيف عندما ترتفع درجة الحرارة. لقد كان النحل حساساً للغاية ويعرف متى يزداد الدخان. وفي حريق عام 2003, طوق نحل جو نفسه لمدة احدى عشر يوماً داخل الخلايا مكوناً الحاجز الذاتي ضد الحريق لحماية العسل الخام. أما في حريق 2018, تعرض لكثير من المخاطر فلم يكن لديه الوقت الكافي أو الفرصة بسبب العاصفة النارية.

الاستعادة

حتى الآن, تكبد جو خسائر تقدر بحوالي 50000 يورو بسبب الحريق وقد شملت هذه الخسائر النحل, الخلايا بالإضافة إلى مخزون العسل. ومن أجل معالجة الخسائر في المستقبل, قام جو بالتقاط تليفونه لتقديرها ولكنه وجد أنه سوف يتكبد خسارة أخرى تصل من 10 إلى 12 ألف يورو في غضون الاثنى عشر شهراً التالية. لقد كانت هناك خلايا نحل متبقية ربما تساعده في تعويض جزء من خسائره ولكن في حالة أن تكون حالة الطقس مستقرة وسوف يستغرق الأمر من ثلاث إلى أربع سنوات لتعويض ذلك. ولكن بالنسبة لجو, كان ذلك بمثابة لعبة الانتظار, حيث الصلاة من أجل نزول المطر في الخريف حتى تنمو الزهور في الربيع وكان يأمل ألا تحدث عواصف شديدة تعوق النحل عن التحليق. لقد كانت الطبيعة تكتسي باللون الأسود على الرغم من بدء ازهار السرخس وتحوله إلى اللون الأخضر الذي كان ينبت من خلال بعض الأشجار المتفحمة ولكن لا تزال التأثيرات طويلة الأجل تظهر على النباتات ولا تزال عملية التلقيح ضعيفة. لقد كان هناك تعويضاً مالياً متاحاً إما من خلال الحكومة البرتغالية أو الاتحاد الأوروبي, وقد تقرر عما سوف يعتبر ذلك بمثابة "الكارثة المناخية" بناءاً على تعريف الدولة البرتغالية للأحداث أو بمثابة "الكارثة" بناءاً على تعريف الاتحاد الأوربي وهو ما سوف يحدد حجم التعويض المالي. ولكن على أية حال, سوف لا يغطي هذا التعويض الخسائر المالية بالكامل.

المستقبل

لقد اعتقد جو, بالإضافة إلى العديد من أفراد مجتمعه, أن هناك الكثير مما ينبغي تنفيذه لتقليل مخاطر الحريق مثل عدم زراعة الكافور الذي يتعطش لكميات كبيرة من المياه وأن يلتزم كل أصحاب الأراضي بتنظيف أراضيهم. لقد ترك معظم أصدقاء جو المنطقة متجهين نحو المدن بسبب صعوبة الحياة الريفية ومنذ بداية اندلاع الحريق, كان هناك العديد من التقارير حول ذهاب السكان إلى المدن بسبب فقدانهم لكل شيء أو بسبب عدم استعدادهم لاستثمار وقتهم ونقودهم ثم خسارة كل شيء على مدار خمس إلى عشر سنوات في المستقبل. وبالنسبة لجو, فقد أعرب عن تقديره لزوجته و لوسيندا, التي كانت تقود السيارة لمسافة 70 كم كل يوم لمساعدته في العمل, فقد كانت تربية النحل بالنسبة له من الاعمال المحبوبة حيث كان يتعلم أشياءاً جديدة من النحل والعمل في الطبيعة. ولكن في هذا العام, أصبح المستقبل غير مؤكداً بالنسبة لجو وعائلته, ولكنه شاباً قوياً يحب تربية النحل, وهو ما يحتاج إليه بشدة بالإضافة إلى ذلك فإنه يرغب في البقاء في سيرا دي مونشيك.

سوزانا رادفورد

لقد تم استضافة سوزانا التي تتمتع بشعبية كبيرة اليوم على عيون دبي, تردد 103,8 لمدة سبع سنوات ولكنها تقضي وقتها اليوم بين أوروبا والشرق الأوسط حيث تعمل كاتبة حرة, منتجة, مذيعة ومدربة إعلامية بالإضافة إلى الكتابة في مجال الأغذية, الصحة والسفر.